في كثير من الأحيان، نسمع عبر وسائل الإعلام عن ظواهر اضطرابات الأكل. لكن ماذا يعني هذا، ومن يعاني من اضطرابات الأكل؟ ما هي اسباب فقدان الشهية، وكيف بالإمكان مواجهة مشاكل واضطرابات الأكل؟ هذا المقال سيسلط بعض الضوء على هذه الظاهرة الحادة.
يعاني الأشخاص الذين لديهم اضطرابات الأكل من عدم انتظام استهلاكهم للطعام، سواء كان هذا الاضطراب باتجاه الإفراط في تناول الطعام أو الامتناع عنه. تنبع هذه العملية من وصول مبنىالجسم ووزنه إلى حالة متطرفة. وفي الغالب، تبدأ المشكلة خلال فترة المراهقة، سواء في مراحلها الأولى أو المتأخرة.
من يعاني من اضطرابات الأكل؟ وفقا للأبحاث، النساء هن أكثر عرضة للإصابة باضطرابات الأكل. تبلغ نسبة الرجال من مجمل المصابين باضطرابات الأكل بين 5 و 15 بالمائة فقط. وتشير التقديرات إلى أن ما بين 0,5 و 3,7 بالمائة من النساء تعانين من فقدان الشهية العصابي (Anorexia nervosa) في مرحلة ما من مراحل حياتهن. كذلك، فإن نسبة 1% من المراهقات تعانين أيضا من فقدان الشهية، إضافة إلى أن ما بين 1,1 و 4,2 بالمائة من النساء تعانين خلال حياتهن من النهام العصابي (الشره العصابي -Bulimia Nervose). وفقا للأبحاث العلمية، فإن ما لا يقل عن 50% ممن يعانون من فقدان الشهية العصابي سيصابون في مرحلة ما بالنهام العصابي، أو من الممكن أن تتطور لديهم ظواهر نهامية لاحقا.
اعراض واسباب فقدان الشهية العصابي - يشعر الأشخاص المصابون بفقدان الشهية العصابي بأنهم سمينون، ولذلك فإنهم يكونون دائمي الرغبة في فقدان المزيد من الوزن، وبشكل حاد. من علامات وأعراض الإصابة بهذا المرض: التخلي عن وجبات الطعام، تناول وجبات طعام صغيرة جدا، عدم تناول الطعام بحضور الآخرين، وكذلك تناول الأطعمة قليلة الدسم وقليلة السعرات الحرارية فحسب.
من الناحية الجسدية، يفقد المصابون شعرهم، ويصبح مظهرهم باهتا، كما يفقدون جزءاً كبيرا من وزنهم. أما من حيث طريقة تصرفهم، فإنهم يشعرون بعدمالراحة بالنسبة إلىأجسادهم، ويشكون طوال الوقت من السمنة. كذلك، يلاحظ توجههمإلى ممارسةالتمارين الرياضية بشكل قهري ومبالغ فيه، بالإضافة إلى انغلاقهم شعوريا وظهور علامات الغضب والعصبية الزائدة عليهم، تجاه محيطهم القريب.
الشره أو النهام العصابي - الأشخاص الذين يعانون من الشره العصابي هم أشخاص يتناولون الكثير من الطعام، لكنهم يحاولون، طوال الوقت، 'تنظيف' أجسادهم من الطعام الذي تناولوه من خلال التقيؤ، استخدام الأدوية المسببة للإسهال أو ممارسة التدريبات الرياضية بشكل مبالغ به.
من العلامات والأعراض المرافقة لهذا المرض: التهام الطعام سرا (أو ترك بعض العلامات التي تشير إلى ذلك، مثل إبقاء عبوات الطعام الفارغة، أو الأواني المكشوفة التي تحتوي على القيء)، شراء الكثير من المواد الغذائية بهدف التهامها (عادة ما تكون أغذية غنية بالسعرات الحرارية) وكذلك استخدام الأدوية المسببة للإسهال أو حبوب تخفيض الوزن.
في كثير من الأحيان، قد يلجأ مرضى النهام العصابي إلى تناول الكحول أو المخدرات من أجل قمع شهيتهم والسيطرة عليها. كمايمكن أن يظهر عليهم، ايضا، عجز عن السيطرة على رغباتهم بشكل يؤدي إلى اتخاذهم الكثير من القرارت المتسرعة في كثير من مجالات الحياة.
اسباب فقدان الشهية والشره
هنالك الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى حصول اضطرابات الأكل، بدءاً بالأسباب الاجتماعية الثقافية، ووصولا إلى الأسباب البيولوجية.
عند الحديث عن الأسباب الاجتماعية الثقافية، فإننا نتحدث عن التقييم الذاتي المتدني، الضغظ النفسي باتجاه النحافة، بعض العادات الاجتماعية (الجمال كقيمة عليا في المجتمعات الغربية)، استخدام الطعام من أجل مواجهة المشاعر السلبية، التفكير بنمط الثنائيات والمقابلات (أي التفكير بطريقة أن الشخص النحيف هو شخص جميل، بينما السمين هو شخص قبيح)، التعرض لاعتداء جنسي في الماضي أو العيش مع أهل لا يحسنون التعبير عن مشاعرهم بشكل صحيح.
أما الأسباب البيولوجية فتشمل: الميل الوراثي للاكتئاب والقلق، الشخصية الوسواسية القهرية، وكذلك النقص في المواد الكيميائية المعروفة بـ'الناقلات العصبية' (Neurotransmitter)، أو فرطها.بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن تؤدي الإصابة ببعض الأمراض النفسية، في كثير من الأحيان، إلى حصول اضطرابات الأكل، والحديث هنا عن الاكتئاب، القلق والأمراض النفسية الناتجة عن الإدمان على الكحول والمخدرات. أحيانا، تقوم الامراض النفسية واضطرابات الأكل بتغذية بعضها البعض، الأمر الذي يحول دون حصول الشفاء المرجو.
إسقاطات اضطرابات الأكل على المدى البعيد:
تؤدي اضطرابات الأكل إلى حالة من سوء التغذية، جفاف البشرة والأظافر والشعر، ضمور العضلات، اضطرابات النوم، القرحة الهضمية، انخفاض ضغط الدم، فقر الدم، السكري، قصور الكبد والبنكرياس والكليتين، العقم، النوبات القلبية، التهاب المفاصل، وحتى الوفاة (نتيجة للمرض نفسه أو للانتحار بسبب المرض).
العلاج:
من أجل معالجة اضطرابات الأكل، لا بد من تشخيص الإصابة بها مبكرا. يتم العلاج على المستوى الشخصي وكذلك على المستوى العائلي. في بعض الأحيان، قد يشمل العلاج تناول الأدوية، وحتى الرقود في المستشفى. من أجل ضمان نجاح العلاج، على جميع أفراد العائلة أن يتجندوا لدعم الشخص المريض، سواء خلال عملية العلاج والتأهيل، أو خلال المرحلة التي تليها.