أظهر شباب عرب ومسلمون على شبكات التواصل الاجتماعي، منذ بداية الهجمات على المنشآت الأميركية، حراكا إلكترونيا أرادوا على أثره التوضيح للرأي العام والمجتمعات الدولية، أن العنف ليس ديدن المسلمين الوحيد. وذلك من خلال طريقة وصفوها بـ«الفعالة أكثر من العنف» لمجابهة الفيلم المسيء للرسول، صلى الله عليه وسلم، والإسلام.
وأخذ الناشطون يستحدثون أفكارا لترويج كتب إلكترونية باللغتين العربية والإنجليزية عن الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، إلى جانب مشاركتهم في أكثر من رسم على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، عدا عن إنشاء صفحات في الموقع الاجتماعي «فيس بوك» تدعو إلى إظهار حقيقة الرسول الكريم، وحقيقة الإسلام، على عكس ما أثاره الفيلم المسيء للدين والرموز الدينية. وبطريقة لا تحمل تطرفا، على حد قولهم.
وفي الوقت الذي شهد فيه تعبير الامتعاض حيال الإساءة التي وردت في الفيلم، سواء بإحراق السفارات أو الاعتداء على الممثلين الدبلوماسيين للولايات المتحدة الأميركية، فضلا عن العنف الإلكتروني في كيل الشتائم لمنتجي الفيلم؛ قرر آخرون، الاتزان في الطرح، وإظهار ما سموه «الصورة الحقيقية للإسلام ورسوله محمد، صلى الله عليه وسلم»، وذلك بحسب الشاب خالد الغامدي، الذي شارك في نشر كتب باللغة الإنجليزية مع أصدقائه في «تويتر». ويشير الغامدي (29 عاما) إلى أنه يفضل المشاركة بما ورد في القرآن، مستدلا بالآية «وجادلهم بالتي هي أحسن»، لافتا إلى أن العنف «لم يكن يوما من الأيام طريقة صحيحة للتعبير عن الرأي، أو الرد على أفكار الآخرين. نحن ندين العمل لأنه أساء للدين وللرسول الكريم»، مفصلا: «حتى نتمكن من إيصال أصواتنا بطريقة منطقية، لا بد من الاتزان».
ويلتزم الناشطون بتسمية أنفسهم المتزنين، وأنهم أصحاب رسالة تعكف بشكل «واضح وشفاف» على إظهار الصورة الصحيحة وليست الخاطئة التي روجها الفيلم.
ويقول إسلام عبد الحق وهو شاب مصري يعمل في شركة تقنية في الرياض عاصمة السعودية «درست في أميركا، وأعرف تماما كيف يفكر الأميركيون، إن هذا النوع من ردود الفعل سيزيد الطين بلة، بينما الاتجاه نحو التعبير الصحيح للمسلمين عن رفضهم القاطع يأتي بنشر الحقيقة، وهي لا تحتاج إلى تنميق، أو تدليس، فرسولنا شدد على ضرورة الحلم في التعامل مع الآخرين، ولو ركزنا في الأخبار المتداولة أمس، فإن بعض الممثلين أعلنوا أنه تم خداعهم وسيقاضون المنتج، وهذا في حد ذاته دليل إساءة المنتجين».
ورصدت صفحات «فيس بوك» نماذج أخرى مطابقة للأفكار التي دأب المستخدمون في الشبكات الأخرى على تطبيقها، بطرق متعددة، حيث نشر مستخدمون معرفتهم في «فيس بوك»، مقاطع فيديو باللغة العربية والإنجليزية، تعرف بالنبي، وتبين على حد قولهم، حقيقة الخداع الذي وقع في الفيلم.
في غضون ذلك، يستشرف خبراء ومحللون، فرصة وصفوها بـ«السانحة»، أمام انتشار الأحداث الأخيرة، إذ يتمكن المسلمون في هذه الأثناء، من نشر الصورة الحقيقية للرسول، صلى الله عليه وسلم، وسماحة الإسلام التي شوهها الفيلم من جهة، وزاد من شكوكها ردود الفعل غير المسؤولة.
ويقول مفيد النويصر وهو مدير الإعلام الجديد في مجموعة «إم بي سي» في السعودية، إن الإنسان في العالم أجمع وليس أميركا وحدها، ينشغل دوما بحياته، لكن الأحداث تحتم عليه المتابعة، وهنا يتمكن المسلمون بتضافر جهود المفكرين والمشاهير على مواقع الشبكات الاجتماعية، من النشر لمواقع الفيديو أو نشر الكتب الإلكترونية التي تعرف بالرسول، صلى الله عليه وسلم.
ولفت النويصر إلى ضرورة مراعاة السلوك الإنساني في التعامل مع الحملة بقوله «يوفر الناشطون على سبيل المثال، مقاطع فيديو قصيرة مصحوبة بترجمة، ومقاطع أخرى منفصلة، لمن يحب أن يتعمق أكثر». يضيف: «في السعودية نستطيع بحد أدنى 54 لغة، وهذا متوفر لدى مراكز الدعوة والإرشاد، هي تحتاج فقط إلى العمل الدؤوب لإيصال الرسالة بشكل واضح».
يشار إلى أن مستخدمي «فيس بوك» في العالم العربي، بلغ نحو 45.2 مليون مستخدم، بحسب إحصائية نشرت في أواخر يونيو (حزيران) الماضي، بينما يستخدم «تويتر» في العالم العربي نحو مليوني مستخدم وصفهم التقرير بالنشطين في المنطقة.